2007/11/25

مصايب الشيخ مصايب



مصايب الشيخ مصايب


النشر الورقي : مجلة الفنون الشعبية ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، العددان 74 / 75 ، القاهرة : ابريل - سبتمبر 2007




مصايب الشيخ مصايب
( حكايات مرحة )
جمع وتدوين
علاء الدين رمضان




* المقدمة
خلَّف الشيخ مصايب الجهني عدداً كبيراً من النوادر التي لقيت رواجاً كبيراً وانتشاراً واسعاً ، ولما يزل يتردد صداها بين مختلف طوائف المجتمع في جهينة إلى الآن ، لقد كان الشيخ مصايب يحترف المنادمة والمتابعة لذوي السلطان والرياسة وكبار رجالات الدولة والحكام وإقطاعيي المجتمع ، فذاع صيته واشتهر حتى صار علماً في بيئته وعليها ولها ؛ فما من أحد في جهينة أو القرى المحيطة بها يجهل شخصية الشيخ مصايب ، حتى وإن لم يرو عنه شيئاً ولم يحفظ من نوادره طرفاً ، فكلهم يتمثل لهذا الرجل في وجدانه صورة ذات قسمات خاصة وملامح مميزة وهيئة دالة على ذلك المرح الذائع ، فشهرة الشيخ مصايب الآن في مطلع الألفية الثالثة – بعد مرور ما يربو على قرن من الزمن على حكاياته - ترجع لكونه قد صار شخصية بِيئِيَّة دالة على قوة المجتمع الذي ينتسب إليه وقدرته على المواجهة المعنوية ، كما كان مجتمع جهينة أكثر قدرة على المواجهة المادية ؛ فمن العجيب أن تلك البيئة أنجبت - في عصر واحد - الشيخ الخضيري ( مصايب )، ومصطفى هاشم ( خط الصعيد )؛ الحدة والعنف معاً ، حدة اللين وعنف القسوة ، لذلك فإن الشيخ مصايب شخصية بيئية رأت فيها جهينة مُتَمِّماً لصورة القوة لديها ؛ فقد رأت جهينة أنها بيئة متفوقة سادت بالقسوة واللين ؛ فمصطفى هاشم أخضع أموال ورقاب الإقطاعيين، وكذلك هزأ الخضيري مصايب منهم وسخر، ونال منهم بالفعل والقول، وظلوا بحاجة إليه يدافع عنهم ويدفع ما لا سبيل إلى دفعه إلا باللسان لا السطوة والسلطان .
ونقف من خلال تلك الحكايات على مظاهر الحياة الخاصة للصفوة ، ومنهج فكرهم وأسلوب حياتهم ، إذ تعرض عدداً من سمات المجتمع الذي نشأت فيه وكان ساحة لصولاتها وجولاتها ؛ وتُعد حكايات الشيخ مصايب الجهني وجهاً من تلك الأوجه المميزة ؛ من الحكاية الشفهية، تلك الحكايات التي من بينها حكايات عاشت عبر الأجيال وسافرت عبر القارات مع اختلافات قَلَّت أو كَثُـرت؛ للحد الذي صرنا معه نمتلك لقصة واحدة من قصص ذلك التراث مثل سندريلا Cinderella ما يربو على خمسمائة إصدار ؛ من رادوبيس في مصر القديمة وحتى أشبوتيل Ashputel الروسية ؛ فهناك عدد كبير من الحكايات الشفاهية تم تدوينها ، وهناك عدد أكبـر من الحكايات التي ظلت متناقلة دون تسجيل ، ومنها حكايات سقطت من الذاكرة ولم يعد يذكرها أحد ؛ من هنا تأتي أهمية الجمع الميداني والتدوين في حقل التراث الشفاهي
.
وأشير هنا إلى أنني تصرفت في تدوين النص الأصلي في ضوء ما جمعته من روايات متعددة للحكاية الواحدة، وما تسمح به الدراسات الفولكلورية في هذا الباب ، في سياق أساليب التدوين اللهجي المتعارف عليها . كما حرصت في عمليات الجمع الميداني على اختيار دليل من أهل جهينة واستفتحت الحديث بيننا بالسؤال عن مصايب وعائلته ومن بقي منهم على قيد الحياة، حتى وصلت إلى ابن الشيخ مصايب ويدعى الحاج محمد عبد الرزاق الخضيري، وفي عمليات الجمع عنيت بتغيير الدليل في كل مرحلة وعدم السماح له بالتدخل في سير عمليات التسجيل التي نتج عنها هذه النسخة المدونة من حكايات الشيخ مصايب الجهني .

· الرواة :
أهل جهينة وعنيبس والطليحات والنـزات السبع وبعض أهل طهطا وبلصفورة وجرجا، وبعض أهل القاهرة ممن لهم جذور جُهَيْنِيَّة، ولكن مع الأسف الشديد انقرض الرواة الأصليون وضاع الصوت الرئيس الحامل لروايات ونوادر الشيخ مصايب وما بقي منه إلا الصدى، ولذلك نجد أن حكايات ونوادر هي الشائعة بينما غيرها ليس من اليسير العثور عليه إلا بعد لأي أو مصادفة، وعدد كبير من تلك الروايات استحال تسجيلها إلا بالحيلة والتعمُّل .

** وأذكر من الرواة الذين اعتمد عليهم البحث :

وقد تنوعت أماكن الجمع الميداني ، وذلك في مرحلتين رئيستين عني بهما الباحث ؛ أولاهما مرحلة الجمع والتعقب العشوائي للشيخ مصايب الجهني وأخباره ، وأخراهما مرحلة الجمع الموجه ؛ ففي مرحلة الجمع العشوائي استقى الباحث عدداً من المعارف والأخبار والنوادر التي كانت قاعدة أولية لسير البحث ومسيرته ، في تلك المرحلة اتسع النطاق الجغرافي ليشمل: حدائق حلوان والمعادي والقلعة ( القاهرة: يونية 2003 )؛ ثم بني غازي ومصراته ( ليبيا : يوليو 2003 )؛ ثم ساحل طهطا، سوهاج، جرجا ( سوهاج: أغسطس 2003 )؛ أما المرحلة الأخرى فهي المرحلة الموجهة، وقد حصر الباحث جمعه في تلك المرحلة على أماكن بعينها، هي: جهينة، والطليحات،وطهطا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وهي مرحلة التسجيل والتحليل.

** جدول أماكن الجمع :


* الراوي الرئيس :
الحاج محمد عبد الرزاق الخضيري محمد أحمد غزالي ( 73 سنة ) ، يعمل وكيلاً للمحامي خلف علي أبو درب في جهينة الغربية ، واسمه ( محمد عبد الرزاق ) اسم مركب ، وهو الابن الأكبر للشيخ الخضيري مصايب ، وقد حضر الراوي خمسة أجيال : جده عم جده ، وجده والد أبيه ، وجيل أبيه ، وجيله ، ثم جيل أبنائه . عمل محمد عبد الرزاق في قسم الحفر والزنكوغراف بجريدة المصري ، وقد كان مشغولاً بعمله عن متابعة رحلات والده ومشاركته مجالسه ومنتدياته وحفلاته ، لكنه كان أحياناً يحضر حفلة أم كلثوم في الأزبكية بسبب شهرة والده هناك ، وقد حضر مثلاً أغنية "ولد الهدى" وغيرها . وقد كان الراوي دقيقاً متعاوناً فيما يتعلق بحياة والده، لكنه آثر الحياد فيما يخص حكاياته وادعى أن الناس تجيدها أكثر منه، وأن الجيل الذي كان يحفظها قد انقرض ،أي جيل إذا لم يكن الجيل الناقل الحافظ هو جيله نفسه؟. لكن يبدو لي أن لديه موانع شرعية وأيديولوجية تمنعه عن الخوض في ذلك لأن في الروايات عدد كبير من الحكايات قد يُصرف إلى معانٍ تنافي الجدة والخلق الرفيع.

الرصد الميداني
من حكايات
الخضيري مصايب

(1)
أنطح
** الراوي : طارق القاضي ( 31 سنة ) طهطا

* قاعـد على الجسـر في جهينه والعمده الحويج معـدِّي . فالعمده رمى عليه السلام . في رميته السلام رفـع العمده راسه من تحت لفوق . فراح الشيخ مصايب هـز راسه ناحية اكتافه يمين وشمال . وراح العمده ورجع . لما رجع لقيه لسه قاعد مكانه . ع يقول له العمده إيه : أنا ع أرمي عليك السلام يا مصايب وانت ما اتردش عليَّ ؟ قال له أنا ما رديتش ؟ . دا إنت أصلاً مرميتش السـلام . إنت ع تسألني أنطح ؟ قلت لك لا .. متنطحشي .

(2)
التكاية هيّ الفرق
** الراوي : جمال فهمي سالم عبود ( 45 سنة ) الطليحات .

* مصايب ليه نوادر كتيره جداً . ومن ضمن : كان يجتمع مع واحد من البحيره . مره كان الشيخ مصايب قاعد مع البحراوي على دكة وبينهم تِكَّاية ، فحب البحراوي يجر نهاش مصايب . حب يغلبوا فـ ع يقول له . ويسأله : يا شيخ مصايب تقدر تقول لي إيه الفرق ما بينك وما بين الحمار . قال له التكاية دي . فقصد الراجل البحيري . فقال له خلاص آمنت بإنك غلبتني .

(3)
[ تلعب ] في الحيطه : تنور
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات

* نزل فندق في مصر وكانت المرَّة الأولى اللي يتعامل فيها مع الكهرباء أضاء له خادم الفندق الغرفة ، وعندما أتى الليل أراد أن يطفئ نور المصباح لينام فأخذ ينفخ فيه مراراً والمصباح لا ينطفئ، فاستنجد بالخادم فعلمه الخادم كيف يطفئ وكيف ينير، فلما عاد إلى جهينة سألوه عن أعجب ما رأى في مصر، قال مصايب :"[ تلعب في ] الحيطه تنور ، [ تلعب في ] الحيطه تطفي " .
هـوه ما قلش كده؛ قال بدل كلمة ( تلعب ) دي لفظ خارج زي اللي في نكتـة (انظر : حكاية تحية الملك ، النسخة المطبوعة ) .

(4)
جهينة فين
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات .

في مجلس من المجالس اللي كان بِيْـرُوحها الشيخ مصايب ، كان في الجيزة ، وفي القعدة واحد من الحاضرين سأله ، يعني بيهزأ منه ، عايز يضحك عليه ، قال له : " انت منين يا شيخ مصايب ؟ " قصده يِتَّـرْيَقْ على اللي واكل الجو من حواليه ده ؛ قال له مصايب : " أنا من جهينة " ، قوم الراجل سأله : " وفين دي من جنينة الحيوانات " ، قال له مصايب : من بعد الجيزة ومقبل . بره السور " . فاتغير لون الراجل وذهل كده من الرد ، لكن بان عليه الزعل قوي لما ناس من القاعدين فهمتها وضحكوا . العبارة في إن مصايب كان يقصد إن من الجيزة وجوه همه جنينة الحيوانات واللي بره همه اللي مش حيوانات . البحراوي كان عايز يوقعوا راح هوه الشيخ مصايب اللي وقعه في شر أعماله .

(5)
( كلثوميات )
** الراوي : الخضيري محمد غزالي ( 35 سنة ) جهينة الغربية .

أما بالنسبة لأم كلثوم . فليه نوادر ياما معاها .كانت تبعت له تذكرة كل حفلة تعملها . كانت بتعمل كل شهر هيه حفلة . فقعـدت شهرين تلاته نسيت مصايب . ما بعتتلوش . فقال دي ما بعتتليش ليه . المهم عملت حفلة فدفع التذكرة ودخل زي الجماهير العاديين . بس مرضيش يبص عليها . هوه مضايق منها طبعاً . فقال يا اخويا طب أعمل إيه . المهم راح مولع في حتة خلقه – قماشة قديمة . عملت شياط . زمان القماش كان لما اتولع فيه يعمل ريحة كده . فالجماهير اللي ع تبص على ام كلثوم سابوها وقعدوا يبصوا في هدومهم وبتاع. فراح رفع الخلقه المولعة وقال إيه يا نـاس دي هيه حتة شرموطه خلتكم تعملوا كده .

(6)
حمارتك راحت
** الراوي : الخضيري محمد غزالي ( 35 سنة ) جهينة الغربية .

في جنازة . كان واحد ميت . كان العمده حسين الحويج قاعد قام واحد نعس شخر . قام مصايب طلع من بره وقعد يلف . عمل نفسه ع يبص بره اكده . راح راجع وقال ياللي شخرت حمارتك راحت و ع اندوروا عليها . قام الراجل قال : يوه دا أنا شاحتها . قال له : اقعد خلاص اللي ع اندوروا عليه القيناه .
وتروى هذه النادرة كذلك بصور مختلفة ؛ وكل صورها تتعلق بالفعلة التي أتاها الرجل الضيف ، فبعض الروايات تقول : إن رجلاً ضحك في العزاء .

(7)
حوشوا الكلب
** الراوي : جمال فهمي سالم عبود ( 45 سنة ) الطليحات .

مره كان ماشي ورايح عند جماعة فـ لا مؤاخذه الكلاب هوهوت عليهم فـ ع يقول لهم : حوشوا يا ولاد الكلب . من غير ما يقصد الشتومة ولا حاجة قصده شريف . بيقولهم يعني حوشو الكلب .
وهناك رواية أكثر تحديداً : قيل إن الشيخ مصايب دخل بيت العمدة أحمد سالم في الطليحات فزمجر الكلب في وجهه في الوقت الذي خرج فيه نفر من أولاد العمدة لاستقباله ؛ فإذا به يقول : " حوشوا – ياولاد – الكلب " . فما كان من العمدة الجالس بالداخل إلا أن انفجر ضاحكاً .

(8)
دي الوالدة
** الراوي : عم عوض ( 75 سنة ) جهينة الغربية .

واحد من الباشوات بتوع زمان قل له إن جبت فيَّ نكته أديك ما اعرفش إيه . قل له طيب . ماشي . إلاَّ وجات - الباشا معاه – كلبه والده . دخلت عنده وعيالها وراها . قال له هيه دي الوالده يا باشا . قال له الباشا : إيوه هيّ دي . قال له : طيعوهم ولو كانوا كفار .

(9)
زرع الكبايات
** الراوي : عم عوض ( 75 سنة ) جهينة الغربية .

كان بيتحامق على واحد . قال له : الكبايات عندنا ع تتزرع . قال : ع تتزرع إزاي !؟ .قال له : عندنا ع نزرعوها . قال له طب الكبابي اللي محزوزة في النص دي تعملوا فيها إيه ؟ . قال له نعطشوها في التالته . يعني نزقوها مرتين تلاته ونيجي في الرابعة ما نزقوهاش فتروح تعمل حز في النص .

(10)
سمك قديم
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات

* مرة كان في اسكندرية. في مطعم وبتاع المطعم جاب له سمك. جايب السمكة بارده وناشفة. يمسك السمكة ويجي حاططها جنب ودنه وينزلها على الطبق وييجي ساكت . يمسك السمكة تاني ويحطها جنب ودنه ويجي منزلها على الطبق وييجي ساكت. جه بتاع المطعم قال له ع تعمل إيه يا عم الشيخ. قال له: أنا معايا ولد عمي غرقان ليه تلات تيام وع أسألها عليه قالت لي أنا لي هنا هوه أسبوع في المطعم .

(11)
العتب ع السمع
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات .

* كان الشيخ مصايب في أحد المجالس بالقاهرة ، فسأل رجلاً لم يعجبه حديثه ولا هيئته : من أي البلاد أنت ؟ فقال : من طنطا ، فردد الشيخ مصايب مستوثقاً : من طهطا ؟ . قال الرجل : لا ، من طنطا - شيء لله يا سيد يا بدوي - فقال مصايب : معلهش ، العتب ع السمع ، وإنا إن شاء الله لمهتدون ؛ وصمت .

هذه الحكاية تروى على أنها من أخباره في سياق طرفة أخرى الرجل فيها من المنصورة سمعها مصايب بهجورة ( وبهجورة من أعمال قنا )، ويروى فيها رد مصايب: " معلهش يا بني العتب ع السمع ربنا يهدينا " وتستأنف الحكاية مسيرتها بقوله " أهل المنصورة كلهم ولاد أسود ". ولم يوردها بصيغتها الأولى " وإنا إن شاء الله لمهتدون " إلا رجل كبير السن من أهل القلعة بالقاهرة، وقال أنه يقصد قول الله تعالى : " إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون " ، ثم رواها كذلك حسام عبد المقصود ، ويعضد رواية النادرة بهذه الصيغة : الصيغة الأخرى لها إذ أنها كذلك لا تخلو من إسقاط لكنه بذيء وسيء ومهين إذ أن أنثى الأسد هي اللبوءة ولفظة اللبؤة خففتها اللهجة المصرية واستخدمتها استخداماً مهينا للدلالة على المرأة المنحرفة ، وقد رويت حكاية أخرى (الحكاية 68 = ولاد ديابه وولاد أسود ) استخدم فيها مصايب الجزء البذيء من هذه الحكاية وجعل منه مفارقة بنى عليها حكاية وقعت بينه وبين أحد القاهريين في محاجة القاهري يدعي أن أهل الصعيد مجرمون والشيخ مصايب يدعي أن أهل القاهرة تستشري فيهم البلطجة .

(12)
عينوني ديك
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات

* في آخر حياته اتعين في الحكومة اشتغل مؤذن في جامع سيدي العيني . فواحد بيسأله : اتعينت إيه يا شيخ مصايب . قال له عينوني ديك أقول كيك .

(13)
قصر في الجنة
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات .

* أهداه الباشا الشندويلي قفطاناً دون جبة أو عمامة على جمع من الناس فدعا له بصوت جهوري ، قال : أعطاك الله قصراً في الجنة دون سقف أو سور وجعل الشمس فوقه وحواليه ؛ فضحك الشندويلي وأمر له بعمامة وقفطان .

(14)
( كلثوميات )
** الراوي : الحاج محمد عبد الرزاق الخضيري ( 73 سنة ) جهينة الغربية .

في حكاية له مع أم كلثوم في طحطا ( اللفظ اللهجي لاسم مدينة طهطا ). هنا هُهْ أقول لكم عليها برضه . بس دي اسمعتها : أم كلثوم في بدايتها كانت تروح البلاد والمحافظات تعمل حفلات ، أيام م كانت بتلبس لامؤاخذه العقال والبالطو ، ومن ضمن كانت في طحطا قهوة اسمها قهوة أبو غزالة ، كانت على مستوى زمان ، دِلْوَكْ قاعدة بس ما ... ؛ جنب المركز من غربه . كانت زمان أيام القطن أما كان في عز عهده ، كانت التجار والناس والمشايخ والعمد يروحوا يقعدوا عليها . راح أبو غزالة جاب أم كلثوم . وفيه نادي شرق المركز عملوا الليلة فيه ، جنب مركز طحطا بالظبط بين جامع عبد العال والمركز . بيت رئيس المدينة دلوك . مأمور المركز دعا المشايخ والعمد في البلاد كلها وطلعوا إعانات ، التذكرة بخمسين قرش وكانت الخمسين قرش حكاية ، فالمشايخ كانوا يلموا من كل بيت تعريفة ويروحوا يدفعوا التذاكر .
المهم : لَمَّا راحت المشايخ والعمد كلها لابسة عمم وطربوش ، قوم العمة عاملة زي لوزة القطن ، فلما طلعت هيَّ على التخت ، على المنصة بتاعت المسرح ورايحة تغني ، بصت لقيت العمم كلها بيضة ، قوم قالت : " القطن فتش " ، قام هوّه الشيخ مصايب قالها :" ربنا يكفيه شر الدودة ". دي النكتة اللي عرّفت مصايب بأم كلثوم .

(15)
الكاكوله
** الراوي : الخضيري محمد غزالي ( 35 سنة ) جهينة الغربية .

* عطاه الباشا الشندويلي جبة ففرشها على الطرابيزة قدامه وكتب على ظهرها أشهد أن لا إله إلا الله ، فقالوا له : ليه ما كملتش التشهد ؟ قال : أصلى الجِبَّة دي من قبل البعثة .

(16)
كل واحد جمعة
** الراوي : الحاج محمد عبد الرزاق الخضيري ( 73 سنة ) جهينة الغربية.

أنا حضرته مره واحده والمره دي كانت في دوار الدقايشه في نزة الدقيشية . كان المرحوم قبيصي مرسي جايب الشيخ محمود صارو من طحطا والشيخ صديق المنشاوي . وعاملين ليله بتاعت ليلة مولد النبي . ف من ضمن في أثناء الحفلة الشيخ صديق قرا أول عُشْر : " الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة " . قرا يعني في سورة النور وصدق . في أثناء ما صدق الشيخ صديق قام واحد من عنيبس اسمه جمعه ، خد بالك من الاسم كان اسمه جمعه . كان زميل الشيخ خضيري مصايب في الأزهر ونُكَتي زَيُّه . قام جمعه ده قال يا جماعة . اسمعوا . فيه واحد اسمه الشيخ خضيري مصايب من جهينة . مراته ماتت . قام راح قعد يملطش ويبكي تحت رجليها جات الناس : يا راجل دا انت راجل طيب وحافظ كلام ربنا . ومش عارف إيه وبتاع . قام واحد زهق منه قال له طب الميت ع يعيطوا .. . يعني لمؤاخذه هوه جه تحت رجليها واخد بالك و ع يعيط هوه . قالوا طب الميت ع يعيطوا فوق راسه مش تحت رجليه . قال له أنا ع اعيط على النص اللي كان نافعني .

الغرض السامر كله قعد يضحك . وكانت نكته خدت رجه يعني . قام واحد اسمه عبد الرحيم البيه من نزه . قال له : آه .. أهه جمعه .. أهو من عنيبس عاد ده . الغرض قال له روِّق يا شيخ عبد الرحيم . قام مصايب رد قال :
يا اخوانا أيام السلطة خدوا الناس راحت الحرب مع الأتراك والإنجليز وفيه ناس جات وفيه ناس محدش يعرفها راحت فين . ففيه واحد كان متجوز وحده وبعدين اتأخر ما جاش . ولد فلان جه وولد فلان جه وولد فلان جه . وولد فلان ماجاش . وْهُوَّه من ضمن الناس اللي قالوا مجاش . الغرض لما قطعوا الشك إني هُوَّه مش هييجي قام واحد خطب المره بْتَاعْتُه . وهُوَّهْ ع يكتب المأذون طبّْ اللي كان في السلطه . ده قعد يقول مرتي – والمأذون كان كتب – وده قعد يقول مرتي . يبقى مرت مين دلوكتي ؟ ده عنده عقد رسمي وده عنده عقد رسمي . قام القاضي قال : أنا هـ أحكم لكم عاد . قال : انت ع تقول مرتي وهوه ع يقول مرتي . قال : كل واحد منكم ( يعاشر ) جمعه .

(17)
الكلاب
** الراوي : خالد أبو النور قطبي ( 35 سنة ) جهينة الغربية .

* حاول راجل من أهل المنيا في مجلس ببيت العمده عمر عبد الآخر في طهطا أن ينال من الشيخ مصايب ، فقال له : رحنا لبيت العمدة ( حسين الحويج ) في جهينة ، فاستقبلتنا الكلاب من أول البلد لغاية دوار العمدة . فقال الشيخ مصايب : لا .. كلاب إيه انت جيت في النهار والكلاب مقيلة ، أما لو جيتها في الليل هتلاقي شي ما لوشي آخر متعرفش فيه أبوك من أخوك .

وفي رواية تانية كان عند بيت عبد الآخر في طهطا . على حكاية برضه الكلبة دي . وبعدين قال له : يا شيخ لو جبت فينا نكت تاخد عشرةْ جنيه . قال له : عشرة جنيه ! . قال له : طيب ماشي . وبعدين جو وهمه فاعدين قال له : الوالدة دي يا شيخ محمد ؟! ( يقصد العمدة محمد عبد الآخر )، قال له محمد عبد الآخر : دي مخلفة اتنين لما يقوموا على بعض ما تعرفش أبوك من أخوك .

(18)
ليَّ عليك مرة
** الراوي : حامد عثمان ( 40 سنة ) جــرجا .

* دخل دورة مياه عمومية في قصر النيل وعندما خرج طلب منه العامل خمسة مليمات ، فأعطاه عشرة وتركه ومضى ، فناداه العامل لك باقي خمسة مليمات ، فقال له يبقالي عندكم مَرَّة " .

(19)
المدمس حاضر والصبح قضا
** الراوي : الحاج محمد عبد الرزاق الخضيري ( 73 سنة ) جهينة الغربية.

من ضمن الكلام بتاعه . بيقولك الطلبة لما جه الشيخ المراغي ودخَّل تعديلات في الأزهر قوم ع يتكلموا وبيقولوا طلبة الأزهر ومش عارف إيه والرسمي والقسم العام وحاجات زي كده . قوم ع يقارن بين الطلبة بتاعت زمان بتوع العمدان وطلبة اليوم اللي هُمَّه في النظام الجديد . قال له : طلبة اليوم بياخدوا المدمس حاضر والصبح قضا . يعني .. بتوع العمدان كانوا يصلوا الفجر حاضر . لكن طلبة اليوم بياخدوا المدمس حاضر يروح يجيب المدمس الأول ياكله حاضر وبعد كده - واخد بالك – يبقى يصلي الصبح قضا . يعني معنى الكلام التعليم حصل فيه ارتجاج لأن شيخ العمود كان بيعلم الإنسان اللي قدامه على أساس العلم إنما النظام الجديد بقي التعليم علشان خاطر يطلع يلقى وظيفة. ده معنى كلمته المدمس حاضر والصبح قضا.

(20)
مصر زمانها غرقت
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات .

* كان في القاهرة وأثناء عودته دخل دورة المياه في محطة مصر ، وخلع لباسه وتهيأ للجلوس لقضاء الحاجة ، وبينما هو على هذه الحال أمسك بحبل يتدلى من صندوق حديدي واعتمد عليه فانجذب معه إلى أسفل واندفع ماء السيفون فخرج مهرولاً . ولما عاد إلى جهينة سأله الناس : " إزَّاي حال مصر ؟ " . قال مصايب :
" مصر زمانها غرقت واللباس عايم فوقيها " .

(56)
موسى راح وحده
** الراوي : طارق القاضي ( 31 سنة ) طهطا .

* يقولك إن مصايب كان كل خميس يروح طهطا عند بيت عبد الآخر . عند العمده محمد عبد الآخر . يقولك كان كل يوم خميس يروح طحطا يقعد في السوق شْوَيَّة وبعد كده يروح يقعد عند العمدة عبد الآخر ده . فكان يغديه العمدة محمد عبد الآخر ويقضي معاه النهار ، وف يوم راح له ومعاه ناس من جهينة ، سألوا على العمده ، قال العمده للخدام قول لهم العمده مش قاعد ، فمشى عمنا مصايب مع الناس وصلهم لأول الطريق كده وجه راجع . فلقي العمده واقف في التراسينه . فقال له يا عمده دا موسى لما راح لربنا ربنا قابله . وانت بتنكر نفسك مننا ، قال له العمده : موسى قال لأهله امكثوا في السوق وراح وحده مخدلوش معاه تمانين نفر .

(22)
هديه وعطيه
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات

* مأمور المركز جاله اتنين اتعينوا عنده جديد واحد اسمه هديه واحد اسمه عطيه . كانوا متقمعين كده ومتنـزهين وما عاطينش حد معاهم . المهم المأمور متغاظ منهم وعايز حد يهزقهم . فبعت لمصايب وقال له . فجه مصايب لابس لبس نزيه ومتوضب على الآخر وراح قاعد وسط الاتنين دول وراح حاطط رجل على رجل . كان لابس جزمة فرده بيضه وفرده بني . فقعدوا يضحكوا عليه قوي . فقال لهم ع تتضحكوا على إيه . فبيقولوا له حد يلبس جزمه كل فرده شكل . قال لهم معلهش أنا أصلي أقرع ونزهي وجزمتي دي مرقعه فرده هديه وفرده عطيه .

(23)
واحــدة باقيالك
** الراوي : ( من محفوظات الباحث )

مرة فيه راجل تقل على الشيخ صديق لما كان عند الشيخ مصايب . يقول له والنبي يا عم الشيخ تقرا كذا ، والنبي تقرا كذا ، وكل ما يخلص الشيخ صديق عُشْر داك التاني يقول له والنبي قول كذا وكذا ، المهم راح مصايب قال للراجل كده انت طلبت من الشيخ صديق يقرا لك القرآن كله وما فاضلشي حاجة تسمعها هنا إلا آية وحدة ، إقرا له يا شيخ صديق : " إني أنذرتكم بواحدة أن تقوموا ". فضحك كل اللي موجودين في المجلس . يعني هوه يقصد إنه يمشيه يعني قال قوم من هنا خالص .

(24)
يوم العيد
** الراوي : حسام عبد المقصود ( 28 سنة ) الطليحات .

* كان الباشا الشندويلي في كل عيد يعمل وليمه لحبايبه واصحابه ، وفي سنه من السنين قصد الباشا الشندويلي الحج ، فكان في وداعه الناس كلها من اصحابه ومعارفه من الأعيان وغيرهم ، وكان من بينهم الشيخ مصايب ، فلما هُمَّ جُه ماشيين جه الشيخ مصايب ومسك وتبَّت في إيد الباشا الشندويلي من شباك العربية ، وقـال له : " والنبي يا باشا ما تفضل هناك لغاية العيد علشان وليمة يوم العيد ربنا ما يقطع لك عاده ". فكل الواقفين فطسوا على روحهم من الضحك .

· تعليق ختامي :

هذه أربع وعشرون حكاية من نوادر الشيخ مصايب، تمثل جزءاً من النسخة المدونة في تلك الحكايات التي قمت بجمعها ودراستها وتحليلها، متمنياً أن يتاح لي نشر أجزاء أخرى من الحكايات ومن الدراسة التحليلية ؛ آملاً أن أكون قد حرثت بذلك البحث – ما نشر منه وما لم ينشر – أرضاً منذورة للجدب والعفاء، فالحكايات الشعبية أشبه ببئر الماء، إذا استُهْتِنَ هتن وإذا تُرك جف؛ وما حسبي في ذلك إلا أنني كنت صادق النية ماضي العزم حثيث الطلب، فإن أجدتُ فمشاعل كثيرة أضاءت الطريق وأيادٍ ودودة ترفقت وأعانت، وإن أسأت فمن نفسي، وأود ففي الختام أن أستثير الانتباه إلى أنه على الرغم من نسبة هذا العمل لي، إلا أنه ما كان ليتشكل وينمو ويكتمل بغير ذلك التعاون الصادق والمساعدة المخلصة التي قدمها لي عدد كبير ممن عنوا بموضوع البحث في محيطه، من أدلاء ورواة، ومن غير هؤلاء وأولئك من أهل جهينة الذين لم يزاالوا يتصفون بصفات عربية بكر .

هناك تعليقان (2):

abolela يقول...

لا يسعنا الا الشكر الجزيل لسيادة المدوّن على محاولته احياء وتخليد ذلك الرجل الفذ الذى سمعنا عنه ولم نره وسمح لنا أن نعيش عبق الماضى الأصيل حيث كان للكلمة معنى وللرجال قيمة. لدينا قليل من النوادر عن تلك الشخصية البارعة ونحن تحت الأمر لامدادكم بها. ع. ابوالعلا. المراغة. الشورانية.

Unknown يقول...

بس دا جزاء بس من الحكايات